Admin
Admin
عدد المساهمات : 170
تاريخ التسجيل : 14/11/2010
 | | موضوع: أمل دنقل ظلم حياً وميتاً الإثنين 13 ديسمبر 2010, 2:04 pm | |
| أمل دنقل الشاعر الذى عانى من القمع السياسى والتعتيم الإعلامى حياً و ميتاً
فى الثالث والعشرين من يونيو عام 1940 ولد محمد أمل فهيم محارب دنقل فى قرية القلعة ـ مركز قفـط ـ محافظة قنا . وفى الحادى والعشرين من مايو 1983 حط طائر الموت بجناحيه فى الغرفة رقم 8 بمعهد الأورام بالقاهرة ليعصف بورقة نضرة فى دوحة الشعر العربى ظلت تقاوم رياح
القهر السياسى والتعتيم الإعلامى ورغم ذلك لم ينحنى أمل دنقل أمام سياط القهر ومحاولة إقصاءه عن الساحة وظل يقاوم حتى الرمق الأخير.
...............
أموت وجبهتى بالموت محنية
لأننى لم أحنها حية ..
فى عام 1938 تخرج الشيخ فهيم محارب دنقل والد أمل فى جامعة الأزهر وبعد عامين حصل على الإجازة العالمية وعمل بالقاهرة ثم إلتحق بمدرسة السلطان حسين كامل الأميرية ثم عاد إلى قنا ليعمل مدرساً بمدرسة الصنايع ثم قنا الثانوية ثم توفى تاركاً أمل وعمره لا يتجاوز العشر سنوات وشقيقته عمرها 4 سنوات وشقيقه أنس وعمره عام واحد ، ظلت والدتهم بقنا حتى يكمل الصغار تعليمهم وتعرف أمل دنقل فى سن مبكرة على رفيق عمره الشاعر عبد الرحمن الأبنودى والقاص يحيى الطاهر عبد الله ، عثر أمل وعبد الرحمن على كنز معرفى ضخم هو مكتبة والديهما الذاخرة بأمهات الكتب حيث نهلا منها ما يكفيهما لتكوين شخصيتهما الإبداعية وهما فى مرحلة مبكرة من العمر، وقد لا يعلم الكثير أن أمل فى بداية حياته كان صوفى المشرب ينتمى إلى الطريقة البرهامية وبعد أن أنهى أمل دراسته الثانوية بقنا إلتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وسرعان ما إنقطع عنها ليلتحق بالعمل بجمارك السويس ثم جمارك الإسكندرية ثم عاد لقنا موظفاً بمحكمة قنا برفقة صديقه عبد الرحمن الأبنودى ، وسرعان ما تمرد الإثنان على الوظيفة الميرى وأطلقا ساقيهما للريح ليلحقا
بعاصمة النور والإبداع "القاهرة " . حيث شق كل منهما طريقه فى عالم الإبداع ..أمل دنقل اختار طريق الفصحى والأبنودى العامية وأصبح لكل منهما بصمة لا تضاهى فى مجاله .
أطلق أمل دنقل أول صيحة شعرية له عام 1969 من خلال ديوانه البكاء بين يدى زرقاء اليمامة وهو الديوان الذى جسد فيه الشعور العربى المحتقن عقب نكسة 1967 مستلهماً قصة زرقاء اليمامة السيدة العربية ثاقبة البصر والتى كانت ترى على مسيرة ثلاثة أيام وحذرت قومها من قدوم العدو مستتراً خلف أغصان الشجر فكذبوها فحاقت بهم الهزيمة .
أيتها العرافة المقدسة
جئت إليك مثخناً بالطعنات والدماء
أزحف فى معاطف القتلى وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف ، مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يا عذراء عن فمك الياقوت
عن نبوءة العذراء
عن ساعدى المقطوع
وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكسة
عاش أمل دنقل حياة جافة غير منعمة إختارها طواعية ً رغم ثراء عائلتة إلا أنه لم يفضل رغد العيش حتى أن أحد الأصدقاء عرض عليه العمل فى دولة الإمارات فى مجلة " الوثبة " إلا أن أمل سخر من الفكرة مفضلاً البقاء فى مصر ، ورغم ضيق ذات اليد إلا أن أمل كان حاتمى الكرم يجود
بما يملك قل أو كثر معتزاً بصعيديته فى كل المحافل التى يتواجد فيها .
لم ينضم أمل طوال حياته لأى حزب أو تيار سياسى كان يرى أن النظام الأمثل هو الذى يحل المعادلة الصعبة بين حرية الفرد وحرية المجتمع وأن يكون هناك نوع من إعادة توزيع الثروة بشكل عادل وأمين يتحقق من خلاله دخل يسمح لكل فرد بان يعيش فى مستوى معقول من الرفاهية .
كان أمل ثاقب الرؤية شديد الفراسة يباغت من هم أمامه بردود أفعال قد تغضبهم فى أول الأمر لكنه يرى أن ذلك هو الأسلوب الأمثل لكسر حاجز الرهبة بينه وبين الآخرين مختصراً مسافات التعارف التى قد تستهلك الوقت الطويل ، وهوماحدث فى أول لقاء جمعه وعبلة الروينى التى تعلق بها قلبه وتزوجها بعد رغم عداءه لمؤسسة الزواج .
أصدر أمل دنقل خلال مسيرة الشعرية أربعة دواوين فقط هى البكاء بين يدى زرقاء اليمامة عام 1969 ، تعليق على ما حدث عام 1971 ، العهد الآتى عام 1975 ، أوراق الفرقة رقم 8 عام 1983 والذى صدر بعد وفاته بأربعين يوماً بالإضافة الى أقوال اليمامة التى تضمنت قصيدته الشهيرة .. لاتصالح .. والتى أخذ فيها موقفاً تحريضياً ضد معاهدة السلام بين مصر واسرائيل .
لاتصالح
ولوتوجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيك..؟
وكيف تصير المليك
على أوجه البهجة المستعارة ؟
القهر السياسى والتعتيم الإعلامى ورغم ذلك لم ينحنى أمل دنقل أمام سياط القهر ومحاولة إقصاءه عن الساحة وظل يقاوم حتى الرمق الأخير.
...............
رغم قلة أعمال أمل دنقل إلا أنها تعبر عن خلاصة تجربة شعرية فريدة ، وقد إستلهم فى شعره رموز التراث العربى فضلاً عن الأساطير القديمة فأنشد شعراً كاد يستشكل على البعض ممن لا يجيدون قراءة التاريخ وفهم الدلالات والإسقاطات التى يدور فى فلكها شعره .
ونتيجة للقمع السياسى الذى تعرض له أمل دنقل ظلت قصائده يتم تداولها سراً بين الأصدقاء وعندما نشر قصيدة أغنية الكعكة الحجرية التى كانت تعبر عن أحاث 17 ، 18 يتلير وذلك فى مجلة سنابل أغلقت المجلة وتم فصل رئيس تحريرها .
كان أمل دنقل يرى أن الإنسان من حقه أن يعيش حياته ويمارسها بحرية وإستمتاع كاملين لمجرد كونه إنساناً وليس لأنه يعمل عملاً عظيماً كان أو ضئيلاً والمجتمع لا ينتج شاعراً جيداً دون أن ينتج فى نفس الوقت صانعاً ماهراً.
إتهم بعض النقاد أمل دنقل أن النكسة كان سبباً فى تبلور تجربته ولولاها لما كان هناك شاعر أسمه أمل دنقل وكان رد أمل أن النكسة لم تفعل أكثر من أنها أثبتت إحساسه بإنهيار المجتمع .
ومثلما إنقلب عبد الوهاب البياتى وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطى حجازى على القالب التقليدى للقصيدة إنقلب أمل دنقل أيضاً على هذا القالب لكنه لم يفعل مثلما فعل البعض ممن أفقدوا القصيدة جرسها الموسيقى حيث إحتفظ بموسيقاها الداخلية .
وعندما أتهمه البعض بفشله فى نظم القصيدة العمودية أنشد رائعته ( لا أبكيه ) رداً على هذا الإدعاء الذى أعتبره أمل دنقل ينتقص من قدرته وطاقته الإبداعية .
وهاهى الذكرى السابعة والعشرين تمر على رحيله دون أن يتذكره أحد باستثناء بعض المحافل الأدبية التى تذكرته على إستحياء مثل مؤتمر أمل دنقل الثالث الذى عقد بقصر ثقافة قنا . وكأنه قد كتب على أمل المطاردة والتعتيم الإعلامى حياً وميتاً .وها هو قصر الثقافة الوحيد الذى يحمل إسمه ببلدته قفـط رغم تخصيص الأرض وإعتماد ميزانية مبدئية منذ أكثرمن سبعة عشرعاماً أثناء تولى حسين مهران رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الريح بسبب الصراع وعدم التنسيق بين وزارة الثقافة والمحليات ، فوزارة الثقافة تطلب التخصيص النهائى للأرض قبل صرف الميزانية الأولية للإنشاءات والمحليات تطلب تخصيص الإعتماد المالى قبل تسليم الأرض المخصصة لإنشاء قصر الثقافة والتى تم سحبها مؤخراً لفوات الفترة القانونية للاستفادة من قرار التخصيص لبيقى قصر تقافة أمل دنقل محاصراً مثل صاحبه.
الموقع الرسمى للشاعر / أمل دنقل هو http://www.jehat.com/ar/amal/index.htm
| |
|
