خطبة الأمام / أبو حامد الغزالى

Admin عدد المساهمات : 170 تاريخ التسجيل : 14/11/2010

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى قصم بالموت رقاب الجبابرة ـ وكسر به ظهور الأكاسرة ـ وقصر به آمال القياصرة ـ الذين لم تزل قلوبهم عم ذكر الموت ناخرة حتى جاءهم الوعد الحق فأرداهم فى الحافرة ـ فنقاوا من القصور الى القبور ـ ومن ضياء المهود الى ظلمة اللحود أ ومن ملاعبة الجوارى والغلمان الى مقاساة الهوام والديدان ـ ومن التنعم بالطعام والشراب الى التمرغ فى الوحل والتراب ـ ومن أنس العشرة الى وحشة الوحدة ـ ومن المضجع الوتير الى المصرع الوبيل ـ فأنظر هل وجدوا من الموت حصنـاَ وعزا ـ وأتخذوا من دونه حجاباَ وحرزاَ ـ وأنظر هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ؟

فسبحان من أنفرد بالقهر والإستيلاء ـ وأستأثر بإستحقاق البقاء وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء ثم جعل الومت مخلصاَ للأتقياء ـ وموعداَ فى حقهم للقاء ـ وجعل القبر سجنا للأشقياء وحبساَ ضيقاَ عليهم الى يوم الفصل والقضاء ـ فله الإنعام بالنعم المتظاهرة وله الإنتقام بالنقم القاهرة .
وله الشكر فى السموات والأرض ، وله الحمد فى الأولى واآخرة ـ والصلاة على محمد ذى المعجزات الظاهرة ، والآيات الباهرة ، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماَ كثيراَ .

أمابعــد
فجدير بمن مصرعه ـ والتراب مضجعه ـ والدود أنيسه ـ ومنكر ونكير جليسه ـ والقبر مقره ـ وبطن الأرض مستقره ـ والقيامة موعده ـ والجنة أو النار مورده ـ أن لا يكون له فكر الإ فى الموت ولا ذكر الإ له ـ ولا أستعداد الإ لأجله ـ ولا تدبير الإ منه ـ ولا تطلع الإ اليه ـ ولا تعرج الإ عليه ـ ولا أهتمام الإ به ـ وحقيق بأن يعد نفسه من الموتى ويراها فى أصحاب القبور ؟ إن كل ماهو آت قريب ، البعيد ليس بأت وقد قال " صلى الله عليه وسلم" الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت"

الأمـام أبو حامد الغزالى