ضياء ابونحول نائب مدير
عدد المساهمات : 163 تاريخ التسجيل : 26/01/2011
| موضوع: أبانا الذي في شرم الشيخ.. نحن ضحاياك! الخميس 31 مارس 2011, 3:27 pm | |
|
أبانا الذي في شرم الشيخ.. نحن ضحاياك!
وحيدا.. يجلس الرئيس السابق مبارك كل صباح علي كرسيه المفضل عند حافة الشاطيء في مقر إقامته بشرم الشيخ، يطل علي مياه خليج العقبة، يرنو إلي أمواجها الهادئة، يبثها شجونه، ويشكو إليها جحود شعب ونكران جميل أمة!
كان يريد البقاء في الحكم حتي آخر نفس، لا لشيء إلا من أجل جنازة مهيبة تليق برئيس توفي في السلطة، كان يتمناها أضخم من جنازة عبدالناصر متعددة الملايين من المشيعين، لكنه الآن يخشي أن يدفن تحت الحراسة، مشيعا بلعنات الملايين!
ما الذي حدث؟!.. يسأل مبارك نفسه.
لقد خرج الناس يطالبون عبدالناصر المهزوم بألا يتنحي، بينما خرج الناس يطالبونه وهو صانع الضربة الجوية ومحرر طابا بأن يرحل.
هل لمجرد أن انتخابات مجلسي الشعب والشوري قد زورت؟!.. منذ متي كانت الانتخابات حرة في مصر، حتي يغضب الناس لتزويرها هذه المرة؟!
يسأل مبارك نفسه:
- هل لأنه استجاب لضغوط حرمه ونجله وتوسلات بعض أقطاب حزبه وبعض رؤساء تحرير صحفه، وقرر أن يدفع بابنه جمال لخلافته؟!.. ألم يأت جورج دبليو بوش رئيساً لأمريكا وهو ابن لرئيس سابق، ألم يأت جورج بابانديو رئيساً لوزراء اليونان وهو ابن لرئيس وزراء أسبق؟!.. أليس هذا توريثاً للحكم؟!.. صحيح أنهما جاءا عبر انتخابات حرة، لكن الظروف في مصر تختلف عنها في الغرب.. لنا ديمقراطيتنا ولهم ديمقراطيتهم!
- هل لأن هناك فساداً في مصر؟!.. إن الفساد، كما كان يقول دائماً لشعبه »ظاهرة عالمية« ليست حكراً علي بلد دون آخر!
يزفر مبارك.. يسب جمال وأصحابه، ويلعن { الفكر الجديد } الذي جعل من شرم الشيخ منفي له بعد أن كانت منتجعاً!
تراود مبارك أفكار سوداء، هل يمكن أن تستدعيه نيابة أو جهة تحقيق؟!.. هل يجرؤ أحد في مصر علي أن ينظر في عينيه لا علي أن يحاسبه؟!.. هل يمكن أن يقف في قفص اتهام، وأن يتجاسر الادعاء علي سرد قائمة اتهامات ضده، بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين، وبالكسب غير المشروع؟!
يهز مبارك رأسه يطرد هذه الكوابيس، وتلازمه الأمنيات بأن »يفيق« شعبه الذي انتفض مهنئاً إياه بالسلامة يوم عاد ناجيا من محاولة اغتياله في أديس أبابا، والذي استبد به القلق يوم أجريت له جراحة في ظهره بألمانيا، وحين غاب عن البلاد ثلاثة أسابيع في ألمانيا أيضا لإجراء جراحة خطيرة في المرارة، والذي أحاطه بقلوبه معزيا يوم فقد حفيده الأكبر.
تستولي عليه أمنية بأن تخرج الجماهير تعتذر له عن أربعين يوما أو تزيد.. قضاها خارج قصر الاتحادية مقر حكمه، وتطالبه بالعودة وعفا الله عما سلف!
وقتها سوف " ينصاع " لإرادة الشعب ويعود ليحاسب »أصحاب الأجندات« الذين حرضوا الناس علي التظاهر ضده، وجعلوهم ينسون ما أنجزه لهذا الشعب من بنية أساسية ومدن جديدة ومشروعات كبري في توشكي وشرق العوينات وشمال خليج السويس!
يخرج مبارك من أفكاره، يمسك بالصحف الموضوعة أمامه، يطالع عناوينها، يلقيها في الهواء بغضب، ثم يمسك بجهاز التحكم، يقلب في قنوات التليفزيون، يتوقف عند القنوات المصرية الخاصة والعامة، ما هذا الكلام الذي يسمعه؟!.. هذه الوجوه التي يشاهدها تتحدث، لها ملامح غريبة عليه، عيون تضحك، وألسنة تنطق بثقة، وحركات أيد تعبر عن التصميم.
يغلق التليفزيون.. ويطل من جديد إلي البحر.. يتساءل: ما الذي جري للناس؟! ما الذي فعلته؟!.. إنها مصر أخري غير التي أعرفها!
لا يا أبانا.
إنها مصر التي كنت تعرفها ونسيتها، ونحن شعبها الذي كان يحيط بك، وفضلت عليه أعداءه من اللصوص والفاسدين، قربتهم منك، فعزلوك عنا، وعزلونا عنك.
أنت وحدك المسئول يا أبانا ولا أحد سواك.
دعني أذكرك بهذه القصة التي لابد أنك نسيتها، كما نسيتنا!
منذ 52 عاما كنت تزور مدينة المنيا لافتتاح الكوبري الجديد.
عند منتصف الكوبري، وقفت أمام سرادق الاحتفال تطل علي النيل، داعبتك نسمات الصباح الندية، وحرضتك علي المشي حتي نهاية الكوبري، هناك شاهدت بعض المنازل الريفية، قررت أن تطرق باب أول منزل لتزور أسرته وتشرب معهم الشاي، لكن أحداً لم يرد. طرقت باب المنزل الثاني، ولم يفتح أحد. نظرت إلي المحافظ شذرا وقلت له: هل أخرجتم الناس من بيوتهم بسبب زيارتي؟!.. لكن المحافظ ارتعد ونفي بشدة. قمت بطرق باب المنزل الثالث، وفتح لك رب البيت.. فلاح بسيط من أهلنا (الذين كنت تعرفهم).
قال لك الرجل: انت جيت يا حبيبي.. أنا مستنيك اتفضل!
بدت عليك الدهشة.. ودخلت جلست في بهو المنزل البسيط وبجوارك رجالك.
أخذت ترشف الشاي.. وقال لك الرجل: يا مرحب بيك أنا مستنيك من امبارح.
لعلك تذكرت الآن.. أنك قلت للرجل: ما الذي تقوله؟ أنا نفسي لم أقرر زيارة أحد في البيوت إلا الآن!
رد عليك الرجل قائلا: أصل الحكاية.. أنني أضع يدي علي قطعة أرض صحراوية قريبة مساحتها 5 فدادين. قمت باستصلاحها، وعندما طرحت ، احلوت في عين واحد من البهوات. جابوني في القسم علشان أسيبها له.. رفضت.. فمدوني علي رجليّ!.. رحت للبيه المحافظ اللي قاعد معانا، لكنه طردني.
قلت أجيلك بيتك في مصر الجديدة أشتكي ليك، ورحت لك امبارح بالليل، لكن حراسك طردوني. ما لقيتش حاجة أعملها غير إني أدعي وأقول: يارب إذا ما كانش عايزني أزوره في بيته، هاته عندي في بيتي بكره.. وأديك جيت!
يومها.. ارتعدت يا أبانا، وصرخت في رجالك آمراً بأن تعاد للرجل أرضه، وأن يعاقب كل من أساء إليه.
يومها.. دمعت عيناك غضبا.. عندما طلب منك الرجل قبل أن تغادر أن تعطيه »كارت « حتي يأمن ألا يضربه مأمور القسم علي رجليه، بعد أن تغادر المنيا!
ربع قرن مر علي حكايتك مع هذا الرجل الذي وصفته حينئذ بأنه : - " فيه شيء لله ".
جرت من بعدها مياه كثيرة تحت جسور النيل.
لم نتغير، لكنك أنت الذي تغيرت!
لم تعد تفاجيء أحداً في منزله، إلا من اختاره لك الأمن ولقَّنه ما يقول.
لم تعد تقرر مسارك في جولة، ولم تعد تسير في شارع إلا خارج البلاد.
ضاق صدرك الذي كان رحباً، وتوارت سماحتك مع الذين أخلصوا لك القول.
انعزلت عن الناس، وصار ناسك هم لصوص أقوات الشعب وأمواله وناهبي أرضه ومنتهكي كرامته وأمنه، ومزيفي إرادته وسارقي مستقبله. طول البقاء علي الكرسي محاطاً بحوارييك، أنساك قصة الرجل الذي فيه »شيء لله«.. وأغمض بصيرتك عن عبرتها ومغزاها، فأصبح الفساد دين الدولة، وبات الظلم أساس الحكم.
نعم.. أنت الذي تغيرت.
كنت تقول إن مصر ليست سوريا حتي يورث الحكم فيها، وثبت أنك ورثت الحكم وأنت في سدة السلطة.
كنت تقول إن الكفن ليست له جيوب، وثبت أن له جيوباً سرية و" سيالات " .
بدأت مقاتلاً مستعداً أن يضحي بدمائه من أجل شعبه، وانتهيت طاغية لا يتورع أن يسفك دماء شعبه من أجل كرسيه.
يا أبانا الذي في شرم الشيخ، لم تعد أبانا، ولم نعد أبناؤك .
الحكم عليك لن يكون للتاريخ وحده، بل يجب أن يكون أمام محكمة الشعب!
| |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 170 تاريخ التسجيل : 14/11/2010
| موضوع: رد: أبانا الذي في شرم الشيخ.. نحن ضحاياك! الخميس 31 مارس 2011, 10:57 pm | |
| موضتوع ممتاز من العضو أ / ضياء أبو نحول يستحق القراءة ، وأسلوبة راقى ومهذب ...إدارة المنتدى تتوجه بالشكر العظيم على هذه المساهمة .
| |
|